يحفل تاريخ الإعلام السعودي في المملكة بالكثير من الشخصيات التي أثرت الساحة الثقافية بالكثير من النقلات النوعية، التي كان لها دور رائد للارتقاء بمجال الإعلام وتطويره، ومن هذه الشخصيات الباحث الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي، الذي رغم رحيله في يوليو من العام قبل الماضي (2019)، إلا أنه ما زال في ذاكرة المثقفين والباحثين، بأعماله وإنجازاته التي لا تعد ولا تحصى.
ومن هنا أطلق الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء، الرئيس الفخري لجمعية العناية بمساجد الطرق، حملة تبرعات، لبناء مسجد يحمل اسم الشبيلي -يرحمه الله- بكلفة إجمالية تصل إلى 1.9 مليون يال، ويقع المسجد على طريق الرياض – القصيم، وسيكون تابعاً لجمعية العناية بمساجد الطرق التي تتولى إدارته.
ويبعد المسجد نحو 28 كيلومتراً من العاصمة الرياض، وتبلغ مساحة الأرض الإجمالية 545 متراً مربعاً، ويتسع لـ200 مصل، بمساحة فعلية 170 متراً مربعاً، وبه مواقف سيارات تتسع لـ26 سيارة و8 حافلات.
وفي المسجد 10 دورات مياه للرجال (يخصص اثنان لذوي الاحتياجات الخاصة)، و6 دورات مياه للنساء (يخصص واحد لذوات الاحتياجات الخاصة)، كما تتوفر فيه جميع متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتميز بوجود تشجير في المنطقة المحلية، وإعادة تدوير مياه الوضوء لاستخدامها في الري.
ويبلغ عدد المصلين في اليوم الواحد خلال المواسم 9000 مصل، وفي غير المواسم 2000 مصل.
وتوفي الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، عن عمر يقارب الـ 75 عاماً، بعد تعرضه لحادث عارض في العاصمة الفرنسية باريس، قبل أن يُنقل إلى أحد مستشفيات العاصمة السعودية الرياض عبر الإخلاء الطبي. ونعت وزارة الإعلام والأوساط الثقافية والإعلامية الشبيلي. وقالت الوزارة: «ودعت المملكة علماً من أعلامها في المجال الإعلامي، وذلك بعد سنوات طويلة أسهم من خلالها في تأسيس عدد من المؤسسات الإعلامية السعودية، على أسس علمية ومهنية راسخة».
وللشبيلي رحلة طويلة مع الإعلام المسموع والمرئي والمقروء، أثمرت عشرات الكتب والمحاضرات المطبوعة في تاريخ الإعلام وسير الأعلام في المملكة، ومن أبرز مؤلفاته «نحو إعلام أفضل»، «الإعلام في المملكة العربية السعودية»، «إعلام وأعلام»، «الملك عبدالعزيز والإعلام». وعمل الراحل مديراً عاماً للتلفزيون السعودي، ووكيلاً لوزارة الإعلام، وأستاذاً في جامعة الملك سعود، كما كان عضواً لسنوات في مجلس الشورى، والمجلس الأعلى للإعلام.
وتولى الشبيلي رئاسة مجلس أمناء الشركة السعودية للأبحاث والنشر، ومجلس إدارة مؤسسة الجزيرة الصحافية، وأسهم في تأسيس إذاعة وتلفزيون الرياض العام 1965م.
وحاز الدكتور الشبيلي على جائزتي الملك سلمان لخدمة التاريخ الشفوي وتوثيقه وبحوث الجزيرة العربية، ونال وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في الدورة الـ11 للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية).
ووثّق الدكتور عبدالرحمن الشبيلي قبل وفاته بنحو 8 أشهر، سيرته العريقة في كتاب أصدره حمل عنوان: «مشيناها.. حكايات ذات»، بعد أن استغرق إنجازه عاماً ونصف العام، مُعرباً عن أمله في أن تؤدي هذه الذكريات غرضها، دون مغالاة أو ترميم، وأن يجد النشء في مضمونها فائدة مضافة.
كما يعتبر الشبيلي القامة الإعلامية الكبيرة التي عاصرت بدايات الإعلام السعودي المرئي والمسموع، وينهل من كتبه ودراساته طلاب الإعلام في الجامعات. وحاز وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى العام 2017.
ويمتلك الشبيلي المولود في عنيزة العام 1944، في رصيده 55 كتاباً ومحاضرة مطبوعة في تاريخ الإعلام وسِيَر الأعلام يصف نتاجه الأخير بأنه «حكايات عمر لم يعرف الفراغ، وحياة قلق شكلتها الصدف منذ الطفولة.
وشكل انتقال الشبيلي إلى الرياض لاستكمال دراسته الجامعية العام 1959 منعطفاً مهماً، يبين حجم الطموح والكفاح والرغبة بداخله حيث كان يدرس في كلية اللغة العربية التابعة للمعهد العلمي، والتحق بجامعة الملك سعود وزاد من صعوبات تلك المرحلة بالنسبة له العمل الإعلامي الذي انضم إليه قبل إكمال دراسته في الجامعة.
ومن المفارقات التي احتوتها حكايات الشبيلي أنه عندما كان طالباً يسكن في غرفة ضمن «قيصرية البلدية» بميدان الصفاة، كان يأنس بالاستماع إلى «إذاعة طامي» في ذروة شهرتها العام 1961 دون أن تتشكل لديه فكرة مسبقة للعمل الإعلامي، وأنه سيكون أحد الأفراد المؤسسين لانطلاقة البث الإذاعي الرسمي من الرياض بعد نحو 4 أعوام، وتحديداً في 3 يناير العام 1965، وكأن في الأمر مصادفة.
إلى ذلك دعت جمعية العناية بمساجد الطرق، الجميع للمساهمة في بناء مسجد الراحل، عن طريق الموقع الإلكتروني للجمعية والتبرع بطريقة سهلة وميسرة.